وحي القلم
وحي القلم
وحي القلم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.




 
الرئيسيةموقعنا على الفيأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 نعناه الجنينة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الشيخ حسني
مدير عام المنتدى
الشيخ حسني


ذكر عدد الرسائل : 1070
العمر : 54
القرآن : نعناه الجنينة Tvquran_3

نقاط : 1066
تاريخ التسجيل : 01/11/2008

نعناه الجنينة Empty
مُساهمةموضوع: نعناه الجنينة   نعناه الجنينة Emptyالجمعة فبراير 24, 2012 7:08 pm

اع الجنينة - قصة قصيرة بقلم/ إيمان القدوسي
الأحد 26 يونيو - 08:13مساء
عدد التعليقات : 4
ارسل لصديق
طباعة
حجم النص: |
|
photo
نعناع الجنينة - قصة قصيرة بقلم/ إيمان القدوسي

أحب دائما البدايات ، فيها نقاء النوايا الطيبة ، وصفاء فجر يوم جديد ، فيها طزاجة الإبداع الأول ، ومزازة قطفة الثمار الأولي ، فيها أيضا مشاعر مبهمة لذكريات لم تسجلها كلمات في تلك اللحظة المعجزة التي غادرنا فيها دفء رحم الأم وولجنا الدنيا لنستنشق عبيرها فنصرخ ، لماذا نصرخ ؟ فرحا بهبة الحياة ؟ أم خوفا من تكاليفها ؟ أم تحيرا من ركام خيوطها المتشابكة والتي لا نعرف أبدا أيها سيجلب السعد وأيها سيلتف حولنا حيث لا فكاك ولا خلاص.



قريبا مددت يدي لصديق أعطاني إياها غامزا (اشرب وادعي لي) وشربت حتي التف أخطبوط الإدمان حول رقبتي وجعلني أتمني أن يزداد ضغطه ليزهق روحي فأتخلص من عذابي وهواني وتأنيب ضميري وعيون أمي المرتعبة وشبح الفضيحة المعلق فوق رأسي ، في لحظات الإفاقة كان عذابي من أجل سمعة أهلي الطيبة وسيرتهم الحسنة التي لوثتها أفعالي ، صرت كالشبح وامتصني المخدر وفي فجر أحد أيام الأرق هزني صوت المؤذن فاغتسلت وتوجهت للصلاة في المسجد ، بكيت بين يدي الله حتي ظننت أن روحي قد غسلت من أدرانها ، واجتهدت في الدعاء بالهداية ونذرت ألا أترك صلاة الفجر بعد ذلك أبدا وكيف أترك تلك اللحظة النورانية التي سكبت في روحي؟



في طريق العودة للبيت شعرت بالرجوع لنقطة البداية وسلامة الفطرة ، كان نور الصباح يخترق برفق بقايا ظلام الليل فيتقهقر أمامه ونسمات بداية اليوم الندية تداعب وجهي هامسة (هذا صباح جديد لايعرف عنك سوى أنك عائد من صلاة الفجر ويهديك سلاما وتحية ويقول لنبدأ من جديد)



كان اليوم هو آخر أيام امتحانات البكالوريوس ، لم ألتفت لأصدقاء السوء والغريب أنهم أيضا تجنبوني ، كأن نيتي ظهرت في وجهي ، أو أن الله الرحيم بعباده استجاب لدعائي فصرفهم عني ، أديت الامتحان وعدت إلي البيت ، استقبلتني أمي بدموع الفرحة ولا أدري أيضا كيف عرفت ؟

قلت لها : بعد عناء الامتحان أتمني أن أقضي عدة أيام في بلدتنا.

قالت في دهشة بالغة : سنوات طوال يا بني ومن قبل وفاة والدك لم تذهب هناك ؟

كان حوارا قليل الكلمات ولكنه مليئا بالدفء بشكل افتقدناه سويا منذ زمن ، وأخيرا أحضرت لي من عمي مفتاح البيت القديم في القرية بيت جدي الذي كان مرتع أحلام طفولتي وبداية صباي عندما كنا نذهب في الأجازات وقد تباعدت الزيارات بعد وفاة الجد والجدة وانشغلت أنا بعالمي الجديد حتى نسيت أمر تلك البلدة القابعة في أغوار الدلتا.



كان نظامي اليومي هو محاولة لتقليد كل من حولي ، صرت فردا في منظومة جديدة خالية من الصنعة وقريبة جدا من الطبيعة كما خلقها الله ، صلاة الفجر في مسجد القرية حيث الحديث موصول بين كل رواده وهو حديث مختلف تختلط فيه معاني الإيمان البسيط بمعاني الرجولة الحقة ، ثم بعد ذلك أبدأ في رياضتي الصباحية المشي في ذلك الطريق الجانبي الذي يخترق الحقول ويفضي لعزبة صغيرة تقع علي يساره ، مرت أيامي متشابهه حتي تعرفت علي (عاطف) الموظف الذي يتزامن وقت ذهابه لعمله مع نهاية رحلة الذهاب في الممشي ، ثم نستكمل معا رحلة الإياب ، كنا نلتقي أمام العزبة ونعود سويا حتي القرية التي يبدأ منها خط المواصلات ، تكلمنا كثيرا وكان منبهرا أنه يتحدث مع (الباشمهندس معتز سليل عائلة البيومي علي سن ورمح) كما قال ، كان ودودا وكنت أحتاجه ليس فقط كصديق يمكنني التفاهم معه ولكن أيضا كوسيط بيني وبين الحياة خارج عزلتي الاختيارية.



كان يحضر لي الجرائد اليومية وبعض احتياجاتي التي لا تتوافر في القرية وكان يحضر أحيانا طعاما نتناوله سويا في المضيفة ، والمضيفة هي المكان الذي سمح لي عمي باستخدامه من البيت ورفض استخدام الجزء الداخلي علي أساس أنه صار مخزنا للعناكب و التراب ومليئا أيضا بالكراكيب ولا يصلح للاستخدام.



في صباح أحد الأيام انعكست صورتي في المرآة لتخبرني أنني قد نجحت في عبور حاجز العافية ، هاهو وجهي يستعيد رونقه وتجري فيه مرة أخري دماء الشباب والفتوة ، الحمد لله الذي عافاني ، ظللت أردد ذلك و أنا أملأ صدري بالهواء المحمل برائحة زهور الموالح العطرة ، آه لو أمكنني نقل بعض الهواء معي إلي القاهرة بدلا من أبخرة العوادم التي نستنشقها.... (الحقوني. آه. اتركني ، استحلفك بالله دعني أحيا ، ألحقونييييي آه ه ه) قطعت الصرخات الحادة المرعبة حبل أفكاري ووجدت نفسي اركض مسرعا في اتجاه الصوت ، عند ذلك البيت الذي يقع في أول العزبة ، كان البيت مبنيا علي الطراز الحديث وحوله جنينة صغيرة مزروعة بالخضراوات حولها سور وبوابة حديدية مغلقة ، أخذت أهز البوابة وأنادي (من هنا ؟ يا أهل البيت هل يمكنني مساعدتكم ؟) من طرف الجنينة برزت فتاه جميلة تحمل في يدها باقة من النعناع الأخضر ، جاءت حتي الباب الحديدي وهي تنظر إلي بتعجب وتقول (من أنت وماذا تريد ؟) نظرت إليها فراعني جمالها الباهر وهدوءها الشديد قلت متلعثما (سمعت صراخا ينبعث من عندكم لعله خير) قالت مندهشة يلون الغضب صوتها (أي صراخ ؟ هذا لم يحدث ، و أرجو أن تخفض صوتك وتكف عن إثارة الجلبة فأبي يرقد مريضا بالداخل) تأسفت وانصرفت وأنا متحير ورائحة النعناع تملأ صدري ، تري هل هي بداية ؟ وماذا سوف يحدث عندما أجذب هذا الخيط ؟ في الحقيقة جمالها يغريني بألا أفلت خيطا يرتبط بها ، يا لسطوة الجمال الهادئ النافر من الأغراب ، جعلني أحب نظرة التعجب والغضب ورائحة نعناع الجنينة.

انتهي الجزء الأول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://waheelkalm.yoo7.com
 
نعناه الجنينة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
وحي القلم  :: القسم العام :: المواضيع العامه-
انتقل الى: